أكد المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ضمن تقريره برسم سنة 2024، أنه يراهن على حكامة تدبير الوضعية المهنية للقضاة لتحقيق رهانات الكفاءة والاستقلالية.
وطبقاً للفصل 113 من الدستور، يضطلع المجلس الأعلى للسلطة القضائية بمسؤولية السهر على تفعيل الضمانات الممنوحة للقضاة، خصوصاً ما يتعلق باستقلالهم وتعيينهم وترقيتهم وإحالتهم إلى التقاعد وتأديبهم.
وفي هذا الإطار، أفاد تقرير المجلس الأعلى، بأنه “عملاً بمقتضيات الفصل 116 من الدستور والمادة 57 من القانون التنظيمي رقم 100.13، عقد المجلس خلال سنة 2024 دورتين عاديتين: الأولى انطلقت في 30 يناير واستمرت إلى غاية 24 يوليوز، عقد خلالها 20 اجتماعاً، والثانية كانت خلال الفترة من 12 شتنبر إلى 17 دجنبر، وشهدت عقد 8 اجتماعات، ليكون مجموع اجتماعات المجلس خلال السنة هو 28 اجتماعاً”.
وخلال هاتين الدورتين، يضيف التقرير، تداول المجلس في قضايا متعددة تهم الوضعية المهنية للقضاة، من أبرزها اقتراح تعيين الملحقين القضائيين في السلك القضائي، والبت في المناصب الشاغرة للمسؤولية القضائية، وتعيين نواب المسؤولين القضائيين، فضلاً عن إسناد بعض المهام القضائية أو إعفاء القضاة منها. كما شملت الأشغال دراسة ملفات الترقية برسم سنة 2023، وتدبير الحركة الانتقالية، إضافة إلى إحالات إلى التقاعد.
وقد عالج المجلس هذه القضايا وفق مقاربة قائمة على الشفافية وتكافؤ الفرص والحياد، ملتزماً بالضمانات الدستورية المخولة للقضاة، ومعتمداً في ذلك على الضوابط والمعايير المنصوص عليها في القانونين التنظيميين 100.13 و106.13، وكذا مقتضيات النظام الداخلي للمجلس.
أولا: التعيينات القضائية لسنة 2024: ضخ دماء جديدة وتعزيز الكفاءة في تدبير المسؤولية
يشكل ملف التعيينات في مناصب المسؤولية القضائية أحد المحاور الجوهرية في تدبير الوضعية المهنية للقضاة، إذ يضطلع المجلس الأعلى للسلطة القضائية بمهمة تعيين القضاة في مختلف المناصب والمهام، بما يضمن السير الطبيعي للمحاكم ورفع مستوى أدائها بالكفاءة والفعالية اللازمتين.
وفي هذا السياق، شهدت سنة 2024 سلسلة من القرارات النوعية شملت التعيين في مناصب المسؤولية القضائية الشاغرة، وإدماج الملحقين القضائيين في السلك القضائي، وتعيين نواب للمسؤولين القضائيين، فضلاً عن تعيين رؤساء أقسام قضاء الأسرة وقضاة للقيام بمهام خاصة.
1. التعيين في مناصب المسؤولية القضائية الشاغرة:
يولي المجلس الأعلى أهمية قصوى لتعيين المسؤولين القضائيين، اعتباراً لدورهم المحوري في تنزيل مشروع إصلاح العدالة وتفعيل المخطط الاستراتيجي للمجلس.
وقد خُصِّصت لهذه العملية مسطرة دقيقة، تشمل تطوير آليات التعيين، ودراسة ملفات المرشحين وفق معايير الكفاءة والاستحقاق المنصوص عليها في القانون التنظيمي للمجلس ونظامه الداخلي.
وقد بلغ مجموع التعيينات في مناصب المسؤولية القضائية خلال سنتي 2024 (دورتي يناير وشتنبر)27  تعييناً، بينها 24 من الذكور و3 نساء، أي بنسبة 11,25% من مجموع المناصب القضائية بالمملكة. واللافت أن 14  قاضياً (52%) تقلدوا مهام المسؤولية لأول مرة، في تجسيد عملي لخيار المجلس في تشبيب القيادة القضائية واستثمار الطاقات الشابة.
2. تجويد منهجية تعيين المسؤولين :
تنفيذاً للمخطط الاستراتيجي (2021 – 2026)، وضع المجلس هدفاً أساسياً يتمثل في ضخ دماء جديدة وتوسيع قاعدة الكفاءات القضائية المؤهلة لتحمل المسؤولية.
وقد تبلور هذا التوجه من خلال إصدار قرار تنظيمي (2 يوليوز 2024) يحدد آليات عمل اللجان المكلفة بدراسة ملفات المرشحين، وضبط معايير التقييم التي تراعي المؤهلات العلمية والمهنية، والسلوك القضائي، والقدرات التواصلية والتنظيمية، والتصورات المقدمة لتطوير الإدارة القضائية.
3. حصيلة أربع سنوات من التغيير :
منذ 2021، نجح المجلس في مراجعة 274  منصبا للمسؤولية القضائية، أسندت إلى 125  قاضياً لأول مرة (بنسبة 45.6%). كما ارتفع عدد النساء المسؤولات إلى 19  قاضية، أي بنسبة 6.9% من مجموع التعيينات، في خطوة نوعية مقارنة مع وضعية 2020.
4. نحو تكريس المناصفة :
تشكل النساء القاضيات 27% من الجسم القضائي الوطني، غير أن نسبة من يتولين المسؤولية لا تتجاوز 8.75% لذلك جعل المجلس من تمكين المرأة القاضية أحد محاوره الاستراتيجية، عبر فتح مسارات للتكوين في الإدارة القضائية بالمعهد العالي للقضاء ابتداءً من 2025، وإطلاق دراسة ميدانية لتشخيص الصعوبات التي تواجه القاضيات وتشجيعهن على الترشح لمناصب المسؤولية.
5. إدماج الملحقين القضائيين :
خلال  سنة 2024، صادق المجلس على إدماج فوجين جديدين من الملحقين القضائيين في السلك القضائي:
* الفوج 46 : يضم 249 ملحقاً (منهم 76 امرأة)، تميز بنسبة شباب مرتفعة (91.6% دون الثلاثين). وقد جرى توزيعهم بين قضاة أحكام، نواب وكلاء الملك، وقضاة بالمحاكم الابتدائية الإدارية.
* الفوج 47: يضم 299 ملحقاً (منهم 117 امرأة)، تميز بكفاءات عالية (76% حاصلون على الماستر) وخبرة مهنية متنوعة. وقد عُينوا في المحاكم الابتدائية، التجارية، وأقسام قضاء الأسرة.
6. تعيين نواب للمسؤولين القضائيين :
في خطوة لتعزيز فعالية التدبير بالمحاكم، قام المجلس خلال سنة 2024 بتعيين 108  نائباً للمسؤولين القضائيين، بعد مراجعة قراره السابق لسنة 2021 وتحيينه بما يتلاءم مع ارتفاع النشاط القضائي وتوسع الخريطة القضائية للمملكة.
وبهذه القرارات، يضيف المصدر ذاته، يكون المجلس الأعلى للسلطة القضائية قد رسخ نهجاً إصلاحياً متدرجاً، يقوم على ضخ دماء جديدة في مناصب المسؤولية، وتوسيع قاعدة الكفاءات الشابة، وتكريس مبدأ تكافؤ الفرص بين القضاة والقاضيات، بما يعزز استقلال السلطة القضائية ويضمن نجاعة المرفق القضائي في خدمة العدالة والمتقاضين.
ثانيا: الترقيات القضائية برسم سنة 2023: المجلس الأعلى للسلطة القضائية بت في 3626 ترقية:
شهدت دورة يناير 2024 للمجلس الأعلى للسلطة القضائية محطة بارزة في تدبير الوضعية المهنية للقضاة، حيث عرضت على أنظار المجلس لوائح تضم أسماء القضاة المتوفرين على شروط الأقدمية والاستحقاق، سواء للترقي من رتبة إلى رتبة أعلى أو من درجة إلى درجة أعلى، برسم سنة 2023.
1. الترقية في الرتبة :
في ما يتعلق بالترقي من رتبة إلى رتبة، عُرضت على المجلس لائحتان: الأولى تضم 875 قاضياً من الدرجة الثانية، والثانية 795 قاضياً من الدرجة الثالثة. وبعد دراسة الملفات المعروضة، ومراعاة المقتضيات القانونية والمعايير المعتمدة، صادق المجلس على ترقية 1670 قاضياً في الرتبة، منها 875 في إطار الدرجة الثانية و795 في إطار الدرجة الثالثة.
2. الترقية في الدرجة :
أما بخصوص الترقية من درجة إلى درجة أعلى، فقد عُرضت لوائح متعددة تشمل مختلف درجات السلك القضائي:
* 1410 قضاة من الدرجة الاستثنائية للترقي إلى الدرجة الممتازة؛
* 159  قاضياً من الدرجة الأولى للترقي إلى الدرجة الاستثنائية؛
* 140 قاضياً من الدرجة الثانية للترقي إلى الدرجة الأولى؛
* 286 قاضياً من الدرجة الثالثة للترقي إلى الدرجة الثانية.
كما عُرضت لائحة إضافية تضمنت عشرة قضاة ممن احتُفظ بهم استثنائياً في السلك القضائي بموجب ظهائر شريفة، مؤهلين للترقي إلى الدرجة الممتازة. وإلى جانب ذلك، أحدث المجلس لائحة إضافية خاصة بالفوج 41 من الملحقين القضائيين، شملت 219 قاضياً من الدرجة الثالثة المؤهلين للترقي إلى الدرجة الثانية، وذلك تطبيقاً لمقتضيات المرسوم رقم 2.24.715 الصادر في 25 يوليوز 2024 بشأن التدابير الانتقالية.
كما عرضت على أنظار المجلس ثلاث لوائح إضافية، تطبيقاً للمادة 34 من القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، همّت قضاة أُجّلت ترقيتهم في سنوات سابقة بسبب متابعات تأديبية انتهت بالبراءة أو بمقررات قضائية لصالحهم، وشملت 13 قاضياً من الدرجة الاستثنائية، وقاضياً واحداً من الدرجة الأولى، وقاضيين اثنين من الدرجة الثالثة.
وفي سياق متصل، تقدم 48 قاضياً من الدرجة الاستثنائية بتظلمات بشأن عدم استفادتهم من الترقية إلى الدرجة الممتازة، فأدرج المجلس هذه الملفات للدراسة والتداول قبل الحسم فيها.
وبعد استكمال دراسة مختلف اللوائح والتظلمات، قرر المجلس ترقية 1956 قاضياً في الدرجة، توزعت كالتالي: 1192 من الدرجة الاستثنائية إلى الممتازة (60,94%)، و150 من الدرجة الأولى إلى الاستثنائية (7,67%)، و140 من الدرجة الثانية إلى الأولى (7,16%)، و474 من الدرجة الثالثة إلى الثانية  (24,23%).
وكحصيلة شاملة، أفاد التقرير بأنه “بناء على ما سبق، يكون مجموع الترقيات التي صادق عليها المجلس الأعلى للسلطة القضائية خلال سنة 2024 قد بلغ 3626 ترقية، منها 1670 في الرتبة و1956 في الدرجة، وهو ما يعكس دينامية واضحة في مسار تدبير الوضعية المهنية للقضاة، وفق الضوابط والمعايير المنصوص عليها في القوانين التنظيمية المؤطرة”.
ثالثا: الحركة الانتقالية للقضاة برسم 2024: 669 انتقالاً لتدبير الخصاص والاستجابة للطلبات
خصص المجلس الأعلى للسلطة القضائية جزءاً مهماً من أشغاله خلال سنة 2024 لتدبير الحركة الانتقالية للقضاة، وذلك في إطار الحرص على ضمان حسن سير المرفق القضائي، وتلبية احتياجات المحاكم من الموارد البشرية، فضلاً عن الاستجابة لطلبات القضاة ومراعاة ظروفهم الاجتماعية والصحية. وقد استند المجلس في هذا التدبير إلى المقتضيات الواردة في القانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس والنظام الأساسي للقضاة، وإلى المعايير المسطرة في نظامه الداخلي.
1. انتقالات مرتبطة بالترقيات:
 عقب ترقية 1943 قاضياً في الدرجة برسم سنة 2023، حدد المجلس مناصب قضائية جديدة لـ 253 قاضياً خلال سنتي يناير وشتنبر 2024، أي بنسبة 37.82% من مجموع الانتقالات. فيما تقرر تأجيل البت في وضعية باقي القضاة بسبب عدم إمكانية تقليص عدد قضاة بعض المحاكم أو مراعاة لأوضاعهم الاجتماعية.
2. انتقالات لسد الخصاص :
بغية معالجة الخصاص المسجل في بعض محاكم المملكة، ومنها محكمة النقض، قرر المجلس نقل 35 قاضياً، إضافة إلى تسوية الوضعية الإدارية والمالية لـ 15 قاضياً كانوا معينين في مراكز قضائية تمت ترقيتها إلى محاكم ابتدائية، ليصل مجموع هذه الفئة إلى 50 قاضياً وقاضية، بنسبة 7.47% من حصيلة السنة.
3. انتقالات بناء على طلب :
أعلن المجلس عن لائحة الخصاص ونشرها بالمحاكم وعلى موقعه الإلكتروني، فتلقى 1275 طلب انتقال، عُدل عن 56 منها لاحقاً. وبعد دراسة 1219 طلباً، تقرر الاستجابة لـ 332 طلباً، إلى جانب حالة مسؤول قضائي طلب الإعفاء والنقل، ليصل المجموع إلى 333 انتقالاً بناء على طلب، وهو ما يمثل 49.78% من إجمالي الانتقالات.
4. انتقالات مراعاة للظروف الصحية :
في إطار مراعاة الحالات الإنسانية، قرر المجلس خلال دورة يناير 2024 نقل قاضٍ واحد فقط لاعتبارات صحية، بنسبة 0.15% من مجموع الانتقالات.
5. انتقالات في إطار التكليف :
نظراً للخصاص الطارئ ببعض محاكم الاستئناف، قرر المجلس تكليف 18 قاضياً في درجات أعلى، من بينهم 16 تم نقلهم إلى محاكم أخرى، فيما بقي قاضيان في مقرات عملهم الأصلية. وقد شكلت هذه الفئة نسبة 2.39%.
6. انتقالات في إطار التبادل :
استناداً للمادة 55 من النظام الداخلي، استجاب المجلس لـ 16 طلب انتقال في إطار التبادل بين قضاة يعملون في محاكم من نفس الدرجة والصنف والمنطقة، بعدما استوفوا الشروط القانونية.
وأبرز المجلس الأعلى للسلطة القضائية أن الحصيلة الإجمالية والمقارنة الزمنية تفيد بأن مجموع الحركة الانتقالية للقضاة بلغ خلال سنة 2024 ما مجموعه 669 انتقالاً، توزعت بين الانتقال بناء على طلب (49.78%)، الانتقال بعد الترقية (37.82%)، الانتقال لسد الخصاص (7.47%)، الانتقال بالتكليف (2.39%)، الانتقال بالتبادل (2.39%)، والانتقال لأسباب صحية (0.15%).
وتكشف مقارنة الحصيلة مع السنوات الماضية عن تزايد ملحوظ في عدد الانتقالات: 549 سنة 2021، و442 سنة 2022، و450 سنة 2023، مقابل 663 انتقالاً سنة 2024، ليبلغ مجموع ما تم تدبيره خلال الأربع سنوات 2104 انتقالاً.
رابعا: تدبير وضعيات التقاعد وإنهاء الخدمة
واصل المجلس الأعلى للسلطة القضائية خلال سنة 2024 مواكبته الدقيقة لمختلف الوضعيات المهنية للقضاة، انسجاماً مع المقتضيات الدستورية والتنظيمية المؤطرة لهذا المجال، حيث عُرضت عليه ملفات متعددة تتعلق بتجديد وتمديد حد سن التقاعد، أو جعل حد له، إضافة إلى طلبات التقاعد النسبي، والاستقالة من السلك القضائي. وقد جاءت هذه الوضعيات في سياق تنزيل أحكام المواد 65 و83 و84 من القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والمادتين 104 و116 من النظام الأساسي للقضاة.
* تجديد تمديد حد سن التقاعد: بعد دخول التعديلات الجديدة على النظام الأساسي للقضاة حيز التنفيذ بمقتضى القانون التنظيمي رقم 14.22، الذي رفع سقف تمديد سن التقاعد إلى 75 سنة، قرر المجلس خلال سنة 2024 تجديد تمديد حد سن التقاعد لفائدة 7 قضاة لمدة سنتين، وذلك من أصل 9 حالات عُرضت عليه.
وتوزعت الوضعيات بين تمديد ثامن، وتمديد عاشر، في حين لم يُسفر التمديد السادس عن أي استفادة جديدة. وبالمقارنة مع السنوات الثلاث الماضية، يظهر منحى تنازلي واضح في عدد القضاة الذين استفادوا من التمديد، حيث بلغ عددهم 359 سنة 2021، ثم 283 سنة 2022، و279 سنة 2023، ليستقر العدد في 7 قضاة فقط سنة 2024، أي ما مجموعه 928 قاضياً منذ سنة 2021.
* إحالة قضاة إلى التقاعد: موازاة مع قرارات التمديد، صادق المجلس على إحالة 13 قاضياً إلى التقاعد خلال سنة 2024. وتوزعت أسباب الإحالة بين طلبات شخصية لعدم تجديد التمديد (10 حالات)، واعتبارات مرتبطة بالمصلحة القضائية (3 حالات). ويعكس ذلك حرص المجلس على الموازنة بين حق القضاة في الاستمرار في أداء مهامهم، وضمان تجديد النخبة القضائية وإفساح المجال للأجيال الجديدة
* التقاعد النسبي: من جهة أخرى، عرض على المجلس 9 طلبات للتقاعد النسبي تقدم بها قضاة لأسباب شخصية أو عائلية أو صحية، جميعها حظيت بالموافقة بعد التحقق من استيفاء شرط الأقدمية القانونية. وبهذا القرار، بلغ مجموع القضاة الذين استفادوا من التقاعد النسبي خلال الفترة الممتدة من 2021 إلى 2024 ما مجموعه 40 قاضياً، وهو مؤشر على التوجه نحو تكييف الممارسة القضائية مع الظروف الفردية للقضاة بما يضمن استمرارية المرفق القضائي.
* طلبات الاستقالة: كما نظر المجلس في طلبين للاستقالة من السلك القضائي تقدّم بهما قاضيان خلال سنة 2024، حيث تمت الموافقة عليهما بعد دراسة ملفيهما. ليرتفع بذلك مجموع الاستقالات المقبولة خلال السنوات الأربع الأخيرة إلى 5 استقالات فقط، وهو رقم محدود يعكس حجم الإقبال على الاستمرار في ممارسة الوظيفة القضائية رغم ضغوطات العمل بها.
وبهذا التدبير المتكامل لمختلف وضعيات التقاعد وإنهاء الخدمة، يكرّس المجلس الأعلى للسلطة القضائية مقاربته القائمة على المزاوجة بين الضوابط القانونية ومتطلبات المرفق القضائي، في إطار من التوازن بين مصلحة القضاة ومصلحة العدالة.
 خامسا: قضاة غادروا السلك القضائي سنة 2024
شهد السلك القضائي خلال سنة 2024 حركة مغادرة شملت 35 قاضياً وقاضية، في سياق متنوع من الوضعيات المهنية والشخصية، عكست دينامية الجهاز القضائي والتحديات المرتبطة بتدبير مساره البشري.
فقد أحيل 13  قاضياً على التقاعد بعد استكمال مشوارهم المهني، فيما تم تسجيل حالة واحدة فقط تتعلق بالتقاعد الحتمي. أما التقاعد النسبي، فقد شكّل بدوره أحد منافذ المغادرة، حيث استفاد منه 9  قضاة لأسباب شخصية أو صحية أو اجتماعية.
وفي الجانب التأديبي، شهدت السنة 3  حالات عزل من السلك القضائي، إضافة إلى حالتين لانقطاع عن العمل ترتبت عنها عقوبات إنهاء الخدمة. كما سجلت حصيلة السنة 5  حالات وفاة لقضاة وهم في طور مزاولة مهامهم، ما مثّل خسارة إنسانية ومؤسساتية في آن واحد .
أما على مستوى الاستقالات، فقد قدّم قاضيان طلبات مغادرتهم الطوعية للسلك القضائي، تمت الاستجابة لها بعد دراسة ظروفهما الخاصة.
وبذلك، تكون سنة 2024 قد عرفت مغادرة ما مجموعه 35  قاضياً وقاضية، توزعت بين الإحالة على التقاعد بأصنافه المختلفة، والعزل أو العقوبات التأديبية، والاستقالة، إضافة إلى حالات الوفاة.
وتبرز هذه الأرقام حجم التحدي الذي يواجهه المجلس الأعلى للسلطة القضائية في مجال تجديد الطاقات القضائية وضمان استمرارية المرفق العدلي بنفس الكفاءة والتوازن.
 
												
					
				


