الاستاذ هشام البلاوي رئيس النيابة العامة وتنزيل العقوبات البديلة

منذ 5 ساعاتآخر تحديث : منذ 5 ساعات
med246
مجتمع
الاستاذ هشام البلاوي رئيس النيابة العامة وتنزيل العقوبات البديلة

كلمة السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض،
رئيس النيابة العامة
ألقاها بالنيابة عنه السيد أحمد والي علمي رئيس قطب الدعوى العمومية وتتبع تنفيذ السياسة الجنائية
بكل فخر واعتزاز أفتتح مع سيادتكم أشغال هذه الندوة الجهوية المنظمة بشراكة بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج حول موضوع: ” العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية: المقاربة التشاركية مفتاح أساسي لتطبيق أمثل لقانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة”؛ وتأتي هذه الندوة في سياق دخول القانون المذكور حيز التنفيذ تطبيقا للمادة الرابعة منه، وذلك بنشر مرسومه التطبيقي عدد 2.25.386 في الجريدة الرسمية بتاريخ 18 أغسطس 2025.
IMG 20251030 WA0029 scaled - Med24.ma
وأغتنم هذه المناسبة لأتقدم بجزيل الشكر وخالص الامتنان إلى كل من ساهم في الإعداد وتنظيم هذه الندوة التكوينية وأخص بالذكر فضيلة السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية على الدعم الملموس والتعاون البناء مع مبادرات رئاسة النيابة العامة، وعلى ما يوليه من عناية خاصة لتعزيز قدرات أجهزة العدالة الجنائية بما يرفع من نجاعة الأداء ويحقق الصالح العام.
كما أغتنمها فرصة لتجديد عبارات التقدير والامتنان للسيد وزير العدل على المجهودات المبذولة لتحديث الترسانة القانونية ذات الصلة بالسياسة الجنائية بصفة عامة، وبالسياسة العقابية ببلادنا بصفة خاصة، وذلك من خلال اعتماد القانون رقم 43.22 المتعلق العقوبات البديلة، والمرسوم المتعلق بتحديد كيفيات تطبيقها.
كما أشيد في هذه المناسبة بالتعاون المثمر مع السيد المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، حيث مكن التنسيق الفعال مع المصالح التابعة للمندوبية من شروع السلطات القضائية في تطبيق العقوبات البديلة بكل حرفية وجدية.
حضرات السيدات والسادة الأفاضل؛
يشكل القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة نقلة نوعية في مفهوم العقوبة كجواب على الجريمة بحيث انتقل بالعقوبة من مجرد وسيلة للانتقام والردع العام والخاص إلى وسيلة للإصلاح والتهذيب وفرصة لإبقاء المحكوم عليه في وسطه الطبيعي مع السعي إلى إعادة إدماجه في المجتمع دون تغييب مصالح الضحية ومتطلبات تحقيق الأمن والحفاظ على النظام العام. وهكذا يتيح القانون المذكور خيارات جديدة بديلا للعقوبات السالبة للحرية، والتي حددها في أربعة أصناف هي: العمل لأجل المنفعة العامة، والمراقبة الالكترونية، وتقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية، والغرامة اليومية.
وفي هذا الإطار أسند القانون رقم 43.22 للنيابة العامة صلاحيات متعددة تمارسها بمناسبة تطبيق أحكامه، بدءًا من التماس العقوبة البديلة عوض العقوبة الحبسية والتفاعل مع الطلبات المقدمة من الأطراف خلال المحاكمة، مرورا بتيسير تنفيذها عبر ترشيد الطعون وتجهيز الملف وإحالته على قاضي تطبيق العقوبات، ثم تتبع ومراقبة سير التنفيذ وصولا إلى الانتهاء منه، ناهيك عما للنيابة العامة من دور هام عند النظر في إمكانية استبدال العقوبة الحبسية المقررة بموجب مقرر قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به بعقوبة أو أكثر من العقوبات البديلة.
وعليه، فإن قضاة النيابة العامة مدعوون للمساهمة في تفعيل هذا القانون في استحضار لمبدأ التطبيق السليم والعادل للقانون وفق ما هو معهود فيهم من جدية وحزم، ووفق ما يمليه عليه ضميرهم المهني وواجبهم الدستوري في حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي كما ورد في الفصل 117 من الدستور.
وحرصا من رئاسة النيابة العامة على التنزيل الأمثل لقانون العقوبات البديلة، تم توجيه رسالة دورية تحت عدد 18/2024 وتاريخ 11 دجنبر 2024 للنيابات العامة بالمحاكم تبرز فيها الأدوار المنوطة بقضاتها وتدعوهم من خلالها إلى السعي الحثيث لإنجاح هذا الورش الهام.
في نفس السياق، واكبت رئاسة النيابة العامة جميع اللقاءات التنسيقية التي همت الإعداد لتنزيل قانون العقوبات البديلة، حيث ساهمت في اجتماعات اللجن الموضوعاتية الأربعة المحدثة تنفيذا لمخرجات الاجتماع رفيع المستوى الذي ترأسه السيد رئيس الحكومة لوضع مخطط تنزيل القانون رقم 43.22، وهي اللجن التي ضمت متدخلين من كل القطاعات المعنية بتنفيذ هذا القانون.
وسعيا إلى الرفع من نجاعة تدخل قضاة النيابة العامة في تفعيل القانون المذكور عملت هذه الرئاسة على إعداد ” دليل استرشادي لقضاة النيابة العامة حول تنفيذ العقوبات البديلة”، وعممته خلال شهر غشت الماضي عليهم، كما تم نشره في موقعها الإلكتروني، ليكون خارطة طريق ووثيقة مرجعية يعتمد عليها بمناسبة إعمال أحكام هذا القانون.

حضرات السيدات والسادة الأفاضل؛
أبرزت هذه الفترة الأخيرة من تفعيل قانون العقوبات البديلة وجود تفاوت واضح في وتيرة تنزيل هذا النوع من العقوبات، تبرزه بجلاء عدد المقررات القاضية بعقوبة بديلة وتوزيعها حسب المحاكم، ما يعني أن الانخراط الجماعي في هذا الورش الوطني لإصلاح السياسة العقابية لازال يحتاج إلى جهود إضافية لتوحيد الفهم والتعجيل باعتماد العقوبات البديلة بفعالية عالية وفي مختلف تراب المملكة.
وتجدر الإشارة في هذا المقام إلى أن إصدار مقررات قضائية تقضي بالعقوبات البديلة يعبر عن انخراط واضح ضمن مستجدات السياسة الجنائية الوطنية. لذلك فإن قضاة النيابة العامة هم مطالبون أن يكونوا خلاقين ومبادرين إلى تقديم ملتمسات واضحة ترمي إلى تفعيل هذه العقوبات عند بسط مرافعاتهم في جلسات الحكم، كما أن بعض الوضعيات التي يتم معاينتها داخل المؤسسات السجنية تقتضي منهم المبادرة إلى اقتراح واستبدال العقوبة الحبسية بعقوبة بديلة في إطار أحكام المادة 22-647 من قانون المسطرة الجنائية.
ولقاء اليوم هو فرصة ثمينة للاطلاع عن كتب عما تحقق خلال هذه الفترة القصيرة من دخول القانون 43.22 حيز التنفيذ: مع التأكيد أن روح التنسيق واستحضار المصلحة العامة يجب أن يكونا المحرك الرئيسي عند تفعيل العقوبات البديلة، فقضاة النيابة العامة مطالبون بالانخراط الجاد في التطبيق السليم والعادل للمستجدات التشريعية التي تعرفها القوانين الجنائية الوطنية. ومن تم، فقياس مستوى تنزيل العقوبات البديلة هو معيار علمي لتقييم مدى مبادرة النيابة العامة إلى تفعيل بدائل الإجراءات والتدابير السالبة للحرية.
والجدير بالذكر، أن ممثلي رئاسة النيابة العامة يعقدون رفقة ممثلي المجلس الأعلى للسلطة القضائية والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الادماج اجتماعات تنسيقية مستمرة لتدارس مختلف الحالات التي تصدر بشأنها عقوبة أو أكثر من العقوبات البديلة مع السعي إلى اقتراح حلول آنية وفعالة لمختلف الصعوبات التي يمكن أن تعطل السير العادي لتنفيذ هذه العقوبات في الممارسة القضائية.
وعلى نفس النهج يتعين عقد لقاءات تنسيقية على المستوى المحلي والجهوي لجعل بلادنا في مصاف الدول الرائدة في تفعيل بدائل العقوبات السالبة للحرية.

حضرات السيدات والسادة الأفاضل؛
تعد أشغال هذه الندوة الجهوية فرصة لتبادل الأفكار ووجهات النظر حول ما طرحته الممارسة العملية من تساؤلات منذ دخول القانون رقم 43.22 حيز التنفيذ بتاريخ 18 غشت 2025، ومناسبةً مواتية لتقديم أجوبة وحلول متوافق عليها لمختلف الإشكالات القانونية والعملياتية التي عرضت على الفاعلين القضائيين وغير القضائيين، وذلك وفق مقاربة إلتقائية تستحضر الأبعاد الإنسانية والحقوقية والاجتماعية والمصلحة العامة، وتعكس – عن حق – مستوى التنسيق والتعاون بين النظام القضائي والنظام الإصلاحي باعتبارهما الركيزة الرئيسة للنهوض بنجاعة العدالة الجنائية ببلادنا وذلك في احترام لاستقلال السلطة القضائية واختصاصات السلطات العمومية.
وأدعو قضاة النيابة العامة بالمناسبة، إلى فتح نقاش جاد ومثمر والتفاعل مع المداخلات التي سيلقيها ويؤطرها خبراءٌ مشهودٌ لهم بالكفاءة العلمية والعملية، وذلك لتوحيد الفهم، والخروج بمقترحات وتوصيات ملموسة تأخذ بالاعتبار عقلنة الأداء وتبسيط المساطر ومبادئ الحكامة الجيدة، وتُجسد في نفس الوقت روح الانخراط الجدي والفعال لمختلف المتدخلين في مسار إعمال العقوبات البديلة، ويعكس وعيهم التام بأهميتها من أجل تيسير تطبيق هذا النوع الجديد من العقوبات.
وفي الختام، أود أن أجدد عبارات الشكر والامتنان لمن سهر على تنظيم هذا اللقاء العلمي الهام مع متمنياتي لأشغاله بالتوفيق والسداد، وأدعو إلى مواصلة جهود التعاون والتنسيق بيننا للمضي قُدما في تأهيل العدالة الجنائية، حتى نؤدي الأمانة الملقاة على عاتقنا أحسن أداء، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله بما حفظ به الذكر الحكيم، وأقر عينه بولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن وشد أزره بصنوه السعيد الأمير مولاي رشيد وكافة أفراد أسرته الشريفة، إنه سميع مجيب الدعاء.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة