المجتمع يحتاج الى مكارم الأخلاق لصناعة التغيير الإيجابي

14 سبتمبر 2021آخر تحديث : منذ 3 سنوات
med246
مجتمع
المجتمع يحتاج الى مكارم الأخلاق لصناعة التغيير الإيجابي

سلط رئيس مؤسسة الملتقى الدكتور منير القادري الضوء على مسألة صناعة التغييرالايجابي، مستعرضا نظرة الإسلام إلى تغيير الأنفس وعلاقة ذلك بالإرادة وتأثيره على الفرد والمجتمع، كما تطرق الى التربية على مكارم الأخلاق، محذرا من الانهيار الأخلاقي، وداعيا الى الاهتمام بالشباب واشراكم في صنع القرارات، ومشاركتهم الإيجابية في الاستحقاقات الانتخابية لاختيار نخب تتحلى بحس المسؤولية والغيرة على الوطن وخدمة الصالح العام.

جاء ذلك خلال مشاركته مساء السبت الرابع من شهر شتنبر الجاري، في الليلة الرقمية التاسعة والستين من ليالي الوصال للطريقة القادرية البودشيشية.

أكد القادري في مستهلها أن دين الإسلام وتربيته السامية قرّرت قاعدة التغيير في حياة الإنسان المسلم وفي سائر المجتمع، وأنها جعلتها مبنيةً على مدى قدرة الأفراد على تغيير أنفسهم.

و بين أن المقصود بالتغيير هو المحاولات التي يقوم بها المرء للسموّ بذاته وتطويرها من واقعٍ معيّنٍ إلى واقعٍ آخر تحقيقا لهدف منشود، وأنه هدف شخصيٍّ للانتقال بالنفس من الأسوأ إلى الأفضل، وتابع أن هذا النوع يتطلّب عقد النية او الإرادة والشجاعة والثّقة بالنفس و تزكيتها للوصول إلى الهدف المنشود، مستشهدا بقوله تعالى : “إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ” (سورة الرعد: من الآية 11).

وأضاف أن حكمة الله تعالى وإرادته جعلت مسألة تغيير المجتمع راجعةٌ إلى تغيير ما في أنفس أفراده، وأنه إذا غيَّر الأفراد ما بأنفسهم نحو الأفضل تغير المجتمع نحو الأفضل، وبالمقابل أكد أن التغيير إن كان إلى الأسوأ تغير المجتمع نحو الأسوأ.

وزاد أن الله عز وجل جعل مسألة التغيير بيد الإنسان، وأنه أمرٌ راجعٌ إلى خياره وقراره، مستدلا بقوله تعالى : ” ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ” (سورة الأنفال : من الآية 53)، واستطرد شارحا أن تغيير ما بالأنفُس من أفكارٍ ومفاهيم واتجاهاتٍ وميول، أمرٌ موكولٌ للبشر بقدَّر الله، مستدلا بقوله تعالى: “وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا” (سورة الشمس).

ونبه الى أن أكبر آفة على الإطلاق في العصر الحالي هي الإنهيارُ الخُلُقِيُّ، و إهمال تزكية النفوس وطلب مقامات التربية الأخلاقية وتنمية الذات وتطويرها، لافتا الى أن غالبية الناس تنتظر أن يأتي التغيير والإصلاح من غيرهم، دون الحاجة إلى بذل أي جهد لتغيير أنفسهم، متناسين أن أساس أي إصلاح أو تغيير حقيقي يبدأ من الداخل.

وفي ذات السياق أكد أن “التربية الإحسانية تهدف إلى تشكيل أمة قرآنية بمقاصد عرفانية تعم البشرية كنفس واحدة، عن طريق تغيير حال الأفراد من الكفر إلى الإيمان ومن الشرك إلى التوحيد وتغيير باطنهم من الأخلاق المذمومة إلى الأخلاق المحمودة، في صحوة صوفية أخلاقية احسانية عرفانية تروم تغيير حياة الأفراد و المجتمعات و إصلاحها، صحوة إتخدت الحكمة و الموعظة الحسنة سبيلا للدعوة إلى الله “.

وحذر من أن كل إصلاح لا يجعل من التربية على الأخلاق وإصلاح النفوس نقطة انطلاقه مصيره الفشل، وأن الأخلاق هي الغاية من كل تدين، وهي الوسيلة لكل ارتقاء.

وشدد على أهمية دور الشباب في إحداث التغيير الإيجابي وضرورة تحسين تمثيلهم ومشاركتهم في التنمية، خاصة في ظل المتغيرات التي تعرفها الحياة المعاصرة من انتشار للأوبئة والصراعات.

وأردف أن أي أمة ترغب في التقدم والنمو يجب ان تصب جهودها وخططها المستقبلية على تربية الإنسان و تكوينه وتطوير قدراته، معتبرا أن الإنسان هو الاستثمار الحقيقي.

وأوضح رئيس مؤسسة الملتقى أن التربية الأخلاقية تسعى الى احداث التغيير المرغوب في تكوين الشباب بصقل جواهر روحهم، ووقايتهم وتكوين وعيهم الديني و حسهم الوطني على نحو سليم، من غير غلو أو تزمت أو تطرف، من خلال عملية بناء شاملة و فعالة لحياة الفرد و المجتمع.

وأضاف أن بناء جيل صادق مؤمن بقيم المواطنة الصادقة وقيم التضحية من أجل الوطن هو السبيل لتحقيق تنمية متكاملة متوازنة ومستدامة، تماشيا مع الرؤيا السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، والمعبر عنها في الخطاب السامي بمناسبة الذكرى الـتاسعة عشرة لعيد العرش المجيد، موردا مقتطفا منه “إن المغرب، بماضيه وحاضره ومستقبله، أمانة في أعناقنا جميعا. لقد حققنا معا، العديد من المنجزات في مختلف المجالات. ولن نتمكن من رفع التحديات وتحقيق التطلعات إلا في إطار الوحدة والتضامن والاستقرار، والإيمان بوحدة المصير، في السراء والضراء، والتحلي بروح الوطنية الصادقة والمواطنة المسؤولة” وكذا قول جلالته في ذات الخطاب السامي “ما أحوجنا اليوم، في ظل ما تعرفه بلادنا من تطورات، إلى التشبث بقيمنا الدينية والوطنية الراسخة، واستحضار التضحيات التي قدمها أجدادنا من أجل أن يظل المغرب بلدا موحدا، كامل السيادة وموفور الكرامة “.

وأكد على أن من العوامل الحاسمة فى عمليات التغيير في المجتمع و تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، إيجاد فرص حقيقية لمشاركة جميع فئات المجتمع و خصوصا الشباب في اتخاذ القرارات، وذلك :
أولا: بتمكينهم من الانخراط فى الحياة العامة و القضايا الوطنية بما يمكنهم من استشعار أهمية قيم التضامن و التكافل و التأزر بين جميع فئات المجتمع ويسمح بصقل مهاراتهم وبناء قدراتهم وتعزيز قيم الولاء والانتماء في نفوسهم.
تانيا: بتشجيعهم على المشاركة في العملية الانتخابية و نبذ الأفكار الهدامة و العدمية و الابتعاد عن دعاة التيئيس، وكذا بإبراز أهمية التصويت لديهم كواجب وطني لاختيار الإنسان المناسب في المكان المناسب و صيانة مصالح البلاد و العباد، و أن الانتخابات ليست غاية في حد ذاتها، وإنما وسيلة لإقامة مؤسسات ذات مصداقية، تخدم مصالح المواطنين، وتدافع عن قضايا الوطن و مصالحه العليا.
ثالثا : تنشئتهم على قيم العطاء و البذل و التضامن ليكونوا ركيزة الوطن و مستقبله، والتحلي بخصال الغيرة و التضحية و الوطنية الصادقة، والتشبث بمقدسات الأمة وثوابتها الوطنية، مخلصين لوطنهم و ملكهم، قادرين على تحمل أعباء المسؤولية الوطنية بصدق و إخلاص.

واختتم مداخلته بالتأكيد على أن المواطنة الصالحة و الإيجابية التي هي من ثمرات التربية الروحية تجعل الإنسان يسعى قدر جَهْدِهِ وفي مجاله لتحمل مسؤولية التغيير نحو الأفضل في وطنه، عملا بالحديث الشريف: “كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته” وأيضا بدفع الضرر عنه بمقتضى العلم والعمل، إنطلاقا من الثوابت الدينية والوطنية والقيم الأخلاقية والعقل والحكمة ونبذ التطرف والعنف ونشر ثقافة السلم والسلام والمحبة والوئام.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة